فقد الأحبة- وجع الفراق وذكريات لا تنسى
المؤلف: نجيب يماني09.06.2025

إنَّ القلبَ ليئنُ تحت وطأةِ الفقدِ، فكم من عزيزٍ رحلَ إلى جوارِ ربهِ، تاركاً خلفَهُ لوعةً تستعرُ في أعماقِ الروحِ، وتُدمي الفؤادَ حزناً، فالموتُ، كما قالَ الشاعرُ الكبيرُ محمود درويش، لا يؤلمُ الراحلينَ، بلْ يُمزّقُ قلوبَ الأحياءِ.
إنَّ الموتَ هوَ المحطةُ الأخيرةُ في رحلةِ الحياةِ الدنيا، نهايةٌ محتومةٌ لا مفرَّ منها، تحقيقاً للوعدِ الحقِّ: "كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموت".
إنَّ الحزنَ عميقٌ وجارحٌ لفراقِ شخصٍ نبيلٍ وكريمٍ كأمثالِ العمِّ زاهد أحمد ساب، ذلكَ الرجلُ الأصيلُ الذي فارقَنا إلى رحمةِ اللهِ يومَ السبتِ الثامنَ عشرَ من ذي الحجةِ لعامِ ألفٍ وأربعمائةٍ وستةٍ وأربعينَ للهجرةِ. ما أقسى حقيقةَ الموتِ، وما أشدَّ لحظاتِ الوداعِ، فمنجلُ الموتِ لا يتوقفُ عن حصدِ الأرواحِ في كلِّ مكانٍ.
لقد ودَّعْنا خلالَ الأسبوعِ الماضي ثلةً منَ الأحبةِ، وقفنا على حافةِ قبورِهم، مودعينَ إيَّاهم في باطنِ الأرضِ، نهيلُ عليهم الترابَ، ليعودَ الأصلُ إلى أصلهِ،
(فما الحياةُ إلا أرحامٌ تدفعُ، وقبورٌ تبتلعُ).
وبينما نُسرعُ الخُطى خارجَ المقبرةِ، تستيقظُ الذكرياتُ، وتتجسدُ اللحظاتُ التي قضيناها معهم، بكلِّ ما فيها من أفراحٍ وأحزانٍ، فيتعاظمُ الإحساسُ بالفقدِ في داخلِنا، وتتدفقُ الدموعُ معبرةً عما يختلجُ في الصدورِ.
عرفتُ الفقيدَ زاهداً بطيبَةِ قلبِه، وسموِّ أخلاقِه، وكرمِ شمائلهِ، كانتِ الابتسامةُ عنوانَه، وخارطةَ طريقٍ إلى قلوبِ الآخرينَ، حتى وهو على فراشِ المرضِ يعاني الوجع.
كم قصدتهُ لقضاءِ حوائجِ الناسِ وتيسيرِ أمورِهم، فكان يسعى جاهداً لمعاونةِ المحتاجينَ، يبذلُ وسعهُ ويمدُّ يدَ العونِ، ويلتمسُ الشفاعةَ عندَ من يرجو عندهُ قضاءَ الحاجةِ، ثمَّ يهاتفني بصوتٍ مفعمٍ بالبهجةِ ليخبرني: "أبشرْ، لقد قُضيتْ حاجةُ صاحبِ الأمرِ".
لقد ترسختْ أواصرُ صداقتِنا وتوثقتْ عُراها، في مجلسِ "ثلوثيةِ" المغفورِ له الشيخِ عبد الله موسى – رحمهُ الله -، فازددتُ قرباً منهُ، وتعلقَ قلبي بهِ محبةً وإخاءً.
كان حريصاً على متابعةِ ما يُنشرُ في الصحفِ والمجلاتِ، ويهتمُّ بالمعاركِ الفكريةِ والدينيةِ التي كانتْ تدورُ رحاها في الصفحاتِ الثقافيةِ آنذاك، فكان يتصلُ بي يناقشُني في الآراءِ المطروحةِ، ويقومُ بتصويبِ بعضِ الأخطاءِ، أو تصحيحِ الوقائعِ التي شهدَ أحداثَها بنفسِه.
كان يقتطعُ بعضَ المقالاتِ من الصحفِ التي تتناولُ قضايا خلافيةً، ويدسُّها في يدي قائلاً: "لعلَّكَ تكتبُ عنها يوماً ما".
كان موسوعةً متنقلةً، يمتعُ الجالسَ إليه بأحاديثِه الشيقةِ وقصصِه التاريخيةِ، يحدثُّكَ عن مكةَ المكرمةِ، مسقطِ رأسِه، وكأنهُ لم يغادرْها قطُّ، ويروي تاريخَ المدينةِ المنورةِ وكأنهُ عاشَ وترعرعَ فيها.
لقد عاصرَ أحداثاً جساماً، يسردُها بأسلوبٍ بارعٍ وسلسٍ، يربطُ الأحداثَ بعضِها ببعضٍ، ويصححُ ما خفيَ من تاريخِ رجالاتٍ عظامٍ عاصروه، مضوا وتركوا بصماتِهم خالدةً على مرِّ الأيامِ.
الفقدُ سُنَّةٌ كونيةٌ لم يسلمْ منها أحدٌ من بني البشرِ منذُ الأزلِ، تفيضُ المشاعرُ على السطورِ، وتتراءى الوجوهُ بينَ الكلماتِ، وتسيرُ الأفكارُ على أرصفةِ الصفحاتِ، وتتعانقُ الأحزانُ على شواطئِ العيونِ، تنبعثُ من أعماقِ القلبِ، غرستْها سنواتُ الوفاءِ، وروتْها أيامُ المودةِ والصفاءِ، فكلُّ ما في الأرضِ من كلماتٍ لا تعزي فاقداً عمن فقد، ستقامُ سرادقاتُ العزاءِ في قلوبِنا وفاءً لصدقِ ودِّكَ بيننا، وتقديراً لمحبتِنا لكَ.
ستظلُّ روحُكَ العطرةُ حاضرةً في "ثلوثيةِ" المرحومِ عبد الله موسى، فقد كنتَ تسبقُنا بالحضورِ، وتسألُ عن كلِّ غائبٍ، وتشاركُ في كلِّ نقاشٍ، وتصححُ كلَّ خطأٍ.
رحم اللهُ زاهد أحمد ساب، وخالصُ العزاءِ لابنتهِ الفاضلةِ نهلة وزوجِها المستشارِ نزيه موسى، وأبنائِه أحمد وأكرم ونادية ونجلاء، ونسألُ اللهَ أنْ يلهمَهم الصبرَ الجميلَ على هذا المصابِ الجللِ، والفقدِ الكبيرِ.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
إنَّ الموتَ هوَ المحطةُ الأخيرةُ في رحلةِ الحياةِ الدنيا، نهايةٌ محتومةٌ لا مفرَّ منها، تحقيقاً للوعدِ الحقِّ: "كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموت".
إنَّ الحزنَ عميقٌ وجارحٌ لفراقِ شخصٍ نبيلٍ وكريمٍ كأمثالِ العمِّ زاهد أحمد ساب، ذلكَ الرجلُ الأصيلُ الذي فارقَنا إلى رحمةِ اللهِ يومَ السبتِ الثامنَ عشرَ من ذي الحجةِ لعامِ ألفٍ وأربعمائةٍ وستةٍ وأربعينَ للهجرةِ. ما أقسى حقيقةَ الموتِ، وما أشدَّ لحظاتِ الوداعِ، فمنجلُ الموتِ لا يتوقفُ عن حصدِ الأرواحِ في كلِّ مكانٍ.
لقد ودَّعْنا خلالَ الأسبوعِ الماضي ثلةً منَ الأحبةِ، وقفنا على حافةِ قبورِهم، مودعينَ إيَّاهم في باطنِ الأرضِ، نهيلُ عليهم الترابَ، ليعودَ الأصلُ إلى أصلهِ،
(فما الحياةُ إلا أرحامٌ تدفعُ، وقبورٌ تبتلعُ).
وبينما نُسرعُ الخُطى خارجَ المقبرةِ، تستيقظُ الذكرياتُ، وتتجسدُ اللحظاتُ التي قضيناها معهم، بكلِّ ما فيها من أفراحٍ وأحزانٍ، فيتعاظمُ الإحساسُ بالفقدِ في داخلِنا، وتتدفقُ الدموعُ معبرةً عما يختلجُ في الصدورِ.
عرفتُ الفقيدَ زاهداً بطيبَةِ قلبِه، وسموِّ أخلاقِه، وكرمِ شمائلهِ، كانتِ الابتسامةُ عنوانَه، وخارطةَ طريقٍ إلى قلوبِ الآخرينَ، حتى وهو على فراشِ المرضِ يعاني الوجع.
كم قصدتهُ لقضاءِ حوائجِ الناسِ وتيسيرِ أمورِهم، فكان يسعى جاهداً لمعاونةِ المحتاجينَ، يبذلُ وسعهُ ويمدُّ يدَ العونِ، ويلتمسُ الشفاعةَ عندَ من يرجو عندهُ قضاءَ الحاجةِ، ثمَّ يهاتفني بصوتٍ مفعمٍ بالبهجةِ ليخبرني: "أبشرْ، لقد قُضيتْ حاجةُ صاحبِ الأمرِ".
لقد ترسختْ أواصرُ صداقتِنا وتوثقتْ عُراها، في مجلسِ "ثلوثيةِ" المغفورِ له الشيخِ عبد الله موسى – رحمهُ الله -، فازددتُ قرباً منهُ، وتعلقَ قلبي بهِ محبةً وإخاءً.
كان حريصاً على متابعةِ ما يُنشرُ في الصحفِ والمجلاتِ، ويهتمُّ بالمعاركِ الفكريةِ والدينيةِ التي كانتْ تدورُ رحاها في الصفحاتِ الثقافيةِ آنذاك، فكان يتصلُ بي يناقشُني في الآراءِ المطروحةِ، ويقومُ بتصويبِ بعضِ الأخطاءِ، أو تصحيحِ الوقائعِ التي شهدَ أحداثَها بنفسِه.
كان يقتطعُ بعضَ المقالاتِ من الصحفِ التي تتناولُ قضايا خلافيةً، ويدسُّها في يدي قائلاً: "لعلَّكَ تكتبُ عنها يوماً ما".
كان موسوعةً متنقلةً، يمتعُ الجالسَ إليه بأحاديثِه الشيقةِ وقصصِه التاريخيةِ، يحدثُّكَ عن مكةَ المكرمةِ، مسقطِ رأسِه، وكأنهُ لم يغادرْها قطُّ، ويروي تاريخَ المدينةِ المنورةِ وكأنهُ عاشَ وترعرعَ فيها.
لقد عاصرَ أحداثاً جساماً، يسردُها بأسلوبٍ بارعٍ وسلسٍ، يربطُ الأحداثَ بعضِها ببعضٍ، ويصححُ ما خفيَ من تاريخِ رجالاتٍ عظامٍ عاصروه، مضوا وتركوا بصماتِهم خالدةً على مرِّ الأيامِ.
الفقدُ سُنَّةٌ كونيةٌ لم يسلمْ منها أحدٌ من بني البشرِ منذُ الأزلِ، تفيضُ المشاعرُ على السطورِ، وتتراءى الوجوهُ بينَ الكلماتِ، وتسيرُ الأفكارُ على أرصفةِ الصفحاتِ، وتتعانقُ الأحزانُ على شواطئِ العيونِ، تنبعثُ من أعماقِ القلبِ، غرستْها سنواتُ الوفاءِ، وروتْها أيامُ المودةِ والصفاءِ، فكلُّ ما في الأرضِ من كلماتٍ لا تعزي فاقداً عمن فقد، ستقامُ سرادقاتُ العزاءِ في قلوبِنا وفاءً لصدقِ ودِّكَ بيننا، وتقديراً لمحبتِنا لكَ.
ستظلُّ روحُكَ العطرةُ حاضرةً في "ثلوثيةِ" المرحومِ عبد الله موسى، فقد كنتَ تسبقُنا بالحضورِ، وتسألُ عن كلِّ غائبٍ، وتشاركُ في كلِّ نقاشٍ، وتصححُ كلَّ خطأٍ.
رحم اللهُ زاهد أحمد ساب، وخالصُ العزاءِ لابنتهِ الفاضلةِ نهلة وزوجِها المستشارِ نزيه موسى، وأبنائِه أحمد وأكرم ونادية ونجلاء، ونسألُ اللهَ أنْ يلهمَهم الصبرَ الجميلَ على هذا المصابِ الجللِ، والفقدِ الكبيرِ.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.